الامام-ابن-تيمية-و-مساهمته-في-علوم-الحديث-و-التفسير-

ابن تيمية برع في عدة مجالات منها الفقه والأصول والتفسير وعلوم الحديث، وقد ترك تأثيرًا كبيرًا في هذه المجالات. كان يتميز بعقلية استدلالية حادة وفهم عميق للنصوص الشرعية، وقد قام بتقديم منهج جديد في فهم الإسلام وتطبيقه على الواقع.

تشتهر أفكار الامام ابن تيمية بأنها قوية وجريئة، وكان يتمتع بشجاعة الرأي والتحليل العقلاني. كان يعتبر التوحيد والعقيدة الصحيحة أساسًا للتفكير والتصرف، وكان يرفض الزيغ والتحريف في الدين ويسعى لإعادة الإسلام إلى ما كان عليه في الأصل.

تأثر ابن تيمية بالعديد من العلماء والفلاسفة السابقين، وكذلك بالتجارب والتحديات التي واجهها في عصره. كان له رؤية مستقبلية للإسلام ودوره في المجتمع، وسعى جاهدًا لتطبيق مبادئ الإسلام في مختلف المجالات الحياتية.

في هذه المقالة، سنستكشف حياة وأعمال الامام ابن تيمية، ونسلط الضوء على مساهماته الفكرية والعلمية. سنتناول أيضًا منهجه في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية، ونتعرف على وجهة نظره في بعض المسائل الفقهية والعقدية المهمة.

من خلال دراسة حياة الامام ابن تيمية وفهم فكره ومنهجه، سنتعرف على تأثيره الذي لا يزال حاضرًا في العالم الإسلامي حتى يومنا هذا. سنحاول أيضًا فهم الجدل الدائر حوله وتقييم إرثه العلمي والفكري بناءً على النتائج التي توصل إليها العلماء والباحثون.

دعونا ننطلق في هذه الرحلة لاستكشاف تراث الإمام ابن تيمية وتقدير إسهاماته العظيمة في الفكر الإسلامي.

نسب و نشأه الامام ابن تيمية

تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني (661 هـ – 728هـ/1263م – 1328م)، المعروف باسم ابن تيميَّة، كان فقيهاً ومحدثاً ومفسراً وعالماً مسلماً مجتهداً، النصف الثاني من القرن  8. يعتبر من أبرز علماء أهل السنة  و الجماعة في الأشهر الثلاثة الأولى  من القرن.. وُلد ابن تيميَّة في مدينة حران، ونشأ في دمشق حيث تلقى العلم عن أكثر من مائتي شيخ في مختلف العلوم.

وكان من أبرز المجتهدين في المذهب الحنبلي، ونشأ على الفقه الحنبلي وأصوله عن أبيه وجده، وكان يفتي في العديد من المسائل على خلاف معتمد الحنابلة لما يراه موافقاً للدليل من الكتاب والسُنة، وعلى آراء الصحابة وآثار السلف.

وُلد الامام ابن تيمية في مدينة حران عام 661 هـ الموافق لسنة 1263م، لأبوين متدينين وعالمين، وكان والده عبد الحليم ابن تيمية فقيهاً حنبلياً. وُلدت والدته “ست النعم بنت عبد الرحمن الحَرَّانية” في نفس المدينة. بعد بلوغه سن السابعة، هاجرت عائلته من حران إلى دمشق بسبب إغارة التتار عليها وكان ذلك في سنة 667 هـ، وحال وصولهم إلى هناك بدأ والده التدريس في الجامع الأموي وفي “دار الحديث السُّكَّرية”.

تابع ابن تيمية العلم أثناء نشأته في دمشق وقضى وقته في تعلم العلوم المختلفة ؛ حصل على المعرفة من أكثر من 200 شيخ في مجالات مختلفة مثل التفسير والحديث والفقه واللغة العربية.. وبدأ التدريس في سن السابعة عشرة، وبعد وفاة والده في سنة 682 هـ، استلم مكانه في التدريس في “دار الحديث السُّكَّرية”، إضافةً إلى دروسه في تفسير القرآن الكريم في الجامع الأموي وفي “المدرسة الحنبلية” في دمشق.

تعرض الامام ابن تيمية للسجن والاعتقال عدة مرات خلال حياته. وكانت أول تجربة له مع الاعتقال سنة 693 هـ/1294م عندما اعتقله نائب السلطنة في دمشق قليلًا بتهمة تحريض العامة، بعد أن قام بمواجهة أحد النصارى الذي شتم النبي محمد.

في عام 705/1306 م ، سجن لمدة 18 شهرا في القاهرة مع شقيقيه أوشراف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحمن بسبب مشاكل في عرشه وكلمته ونسبه. وقد تم سجنه أيضًا لمدة قصيرة في شهر شوال سنة 707 هـ/1308م بسبب شكوى من الصوفية، بسبب تحدثه عن القائلين بوحدة الوجود مثل ابن عربي وابن سبعين والقونوي والحلاج. في سنة 709 هـ/1309م، تم ترسيمه لمدة ثمانية أشهر في مدينة الإسكندرية، وخرج بعد عودة السلطان الناصر محمد بن قلاوون للحكم.

وفي سنة 720 هـ/1320م، تم سجنه لمدة نحو ستة أشهر بسبب “مسألة الحلف بالطلاق”. وفي سنة 726 هـ/1326م، تم سجنه حتى وفاته سنة 728 هـ/1328م بسبب مسألة “زيارة القبور وشد الرحال لها”. بالإضافة إلى ذلك، تعرض للمضايقات من الفقهاء المتكلمين والحكام بسبب عقيدته التي صرح بها في الفتوى الحموية في سنة 698 هـ/1299م والعقيدة الواسطية في سنة 705 هـ/1306م، التي أثبت فيهما الصفات السمعية التي جاءت في الكتاب والسنة مثل اليد والوجه والعين والنزول والاستواء والفوقية، مع نفي الكيفية عنها.

عاش ابن تيمية في فترة غزوات المغول على الشام، ولعب دورًا في مواجهتهم. في عام 699 هـ/1299م، التقى بالسلطان التتاري “محمود غازان” بعد وصوله إلى الشام، وحصل على وثيقة أمان تأجل دخول التتار إلى دمشق. وفي عام 700 هـ/1300م، عمل الامام ابن تيمية على حث المسلمين في دمشق على مواجهة التتار الذين كانوا يعتزمون الهجوم عليها. وتوجه أيضًا إلى السلطان في مصر وحثه على المجيء للمساعدة في القتال. ومع ذلك، عاد التتار في نفس العام دون أي هجوم.

وفي عام 702 هـ/1303م، شارك ابن تيمية في معركة شقحب التي انتصرت فيها قوات المماليك على التتار، وحث المسلمين على المشاركة في القتال وتوجه إلى السلطان للمرة الثانية لتشجيعه على المشاركة في القتال. وفي ذلك الوقت، أصدر ابن تيمية فتوى تحرم قتال التتار بسبب ادعائهم الإسلام، وأنهم من الطوائف الممتنعة عن شرائعه.

كما شارك الامام ابن تيمية مع نائب السلطنة في دمشق في عدة معارك، بما في ذلك في عام 699 هـ/1299م، وعام 704 هـ/1305م، وعام 705 هـ/1305م، ضد أهل “كسروان” و”بلاد الجرد” الذين كانوا ينتمون إلى الإسماعيلية والباطنية والحاكمية والنصيرية، وذلك بسبب تعاونهم مع جيوش الصليبيين والتتار.

ترك ابن تيمية أثرًا في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، حيث ظهر تأثيره في حركة محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، وفي الأبحاث التي نشرها محمد رشيد رضا في مجلة المنار في مصر والشام. كما ظهر تأثيره في الربع الثاني من القرن العشرين في المغرب العربي عند عبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وانتقل تأثيره إلى مراكش على يد الطلبة المغاربة الذين درسوا في الأزهر. ويدعي البعض أن تأثيره في مراكش أقدم من ذلك، حيث ظهر تأييد السلطانين محمد بن عبد الله وسليمان بن محمد لحركة محمد بن عبد الوهاب. وفي القرن العشرين ظهر تأثيره في شبه القارة الهندية عند عبد العزيز الأردبيلي وعلم الدين سليمان بن أحمد الملتاني، وظهر تأثيره مرة أخرى في الأسرة الدهلوية في القرن الحادي عشر الهجري.

نواب صديق حسن خان القنوجي البخاري ، نذير حسين الدهلاوي ، عبد الرحمن المبارك الفورى ، شمس الحق العظيم العبادي ، شبلي بن حبيب الله النعماني ، أبو الكلام ديكاد ، من بين أولئك الذين تأثروا بأفكار الامام ابن تيمية. ويستخدم السلفية الجهادية كتب وفتاوى الامام ابن تيمية في عدة مواقف، ويظهر تأثيره على رموز هذا التيار مثل محمد عبد السلام فرج وأسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي.

بدايات الامام ابن تيمية

تقي الدين أبو العباس أحمد بن شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم بن مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن أبي محمد عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن الخضر (بن إبراهيم) بن علي بن عبد الله الحراني، ويُعرف ابن تيمية النميري الحراني والدُّه فقيه حنبلي، وأمُّه سِتُّ النِّعَمِ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدُوسٍ الْحَرَّانِيَّةُ وذكرها ابن كثير الدمشقي في وفيات سنة 716 هـ، حيث وصفها بأنها “الشَّيْخَةُ الصَّالِحَةُ الْمُعَمَّرَةُ” ووالدة ابن تيمية، وكانت من الصَّالِحَاتِ ولدت تِسْعَةَ بَنِينَ، وَلَمْ تُرْزَقْ بِنْتًا قَطُّ، وتُوُفِّيَتْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ الْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ، وَدُفِنَتْ بِالصُّوفِيَّةِ، وَحَضَرَ جِنَازَتَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ. ويُنسب الامام ابن تيمية إلى قبيلتي بني النمير وسليم من قيس، بينما يدعي البعض أنه كان كرديًا.

تُعدّ الأسباب التي أدت إلى تسمية الامام ابن تيمية متعددة، ففي إحدى القصص يُروى أن جده محمد بن الخضر كان برفقة زوجته الحامل أثناء رحلتهما إلى مدينة تيماء، وعندما رأى جارية صغيرة خرجت من خِباء، قال لها “يا تيمية يا تيمية”، ولدت زوجته ابنة بعد عودته إلى حران، ولذلك أُطلق عليه اسم “ابن تيمية”. ومن الأسباب الأخرى التي يُذكرها البعض هي أن والدة ابن تيمية كانت تُدعى تيمية وكانت واعظة، ولذلك نُسب إليها، واشتهر بذلك ابنها.

وُلد ابن تيمية في مدينة حران، التي تقع في الجزيرة الفراتية، في يوم الاثنين 10 ربيع الأول سنة 661 هـ، ويُذكر أيضًا أن بعض المصادر تشير إلى أنه وُلد في يوم 12 ربيع الأول. وسمّاه والده أحمد تقي الدين، وأضاف إليه أبو العباس وهو في سنّ مبكرة، ولكن اشتُهِر بلقب “ابن تيمية” الذي غلب على اسمه.

نشأ ابن تيمية في مدينة حران حتى بلغ السابعة من عمره، وعندما هاجرت عائلته منها بسبب غزو التتار سنة 667 هـ، استقروا في مدينة دمشق، حيث بدأ والده عبد الحليم ابن تيمية بالتدريس في الجامع الأموي وتولى مشيخة “دار الحديث السكرية”. والدته، ست النعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عبدوس الحرانية، كانت عمرها فوق السبعين أو التسعين عند وفاتها، وكان لها مكانة عظيمة في نفس ابن تيمية، كما يُظهِر ذلك رسالة أرسلها إليها من سجنه في القاهرة. توفيت أمه في يوم الأربعاء 20 شوال سنة 716 هـ، ودُفِنت بالصوفية، وحضر جنازتها جمع غفير من الناس.

في صغره، حفظ الامام ابن تيمية القرآن، ثم اتجه بعد ذلك لدراسة الفقه والأصول واللغة العربية وتفسير القرآن وأصول الفقه والفرائض والخط والحساب والجبر والمقابلة، وتلقى تعليم الفقه الحنبلي من والده. سمع الامام ابن تيمية من أكثر من مئتي شيخ، ومنهم: ابن عبد الدائم المقدسي، وابن أبي اليسر، والكمال بن عبد، وشمس الدين ابن أبي عمر الحنبلي، وغيرهم الكثير. يقول الحافظ ابن رجب: “عُني بالحديث، وسمع “المسند” مرات، والكتب الستة، و”معجم الطبراني الكبير”.”

سيرت ابن تيمية

عندما كان الامام ابن تيمية في السابعة عشرة من عمره، بدأ في التدريس والفتوى وكذلك في التأليف. ومن بين العلماء الذين أذنوا له بالإفتاء كان العالم كمال الدين أحمد بن نعمة المقدسي، الذي كان يفتخر بتلك الإذن. وعندما بلغ ابن تيمية الـ 22 سنة، توفي والده عبد الحليم الامام ابن تيمية، وخلفه في مشيخة التدريس بدار الحديث السكرية. وتحدث المؤرخون عن إعجاب العلماء بأول درس لابن تيمية، وكان بعض هؤلاء العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة.

وكان الامام ابن تيمية يجلس بعد صلاة ركعتين ويحمد الله ويصلي على النبي قبل أن يبدأ درسه، وكان يدمج بين الفقه والحديث ويستخدم أسلوب المفسرين في تفسير القرآن والسنة. كما تدرس الامام ابن تيمية في دار الحديث السكرية وفي المدرسة الحنبلية، وتنازل عن تدريسه في الأخيرة بعد فترة طويلة بسبب انشغاله بعدة أمور، وعاد إلى دمشق بعد غياب دام سبع سنوات ليكمل تدريسه بمدرسة السكرية والحنبلية.

في سنة 693 هـ، وصلت إلى ابن تيمية أنباء عن قيام أحد النصارى، ويُدعى “عساف النصراني”، بسب الرسول محمد، وأوى عساف إلى أحد العلويين للحصول على الحماية. ومع ذلك، قام ابن تيمية مع شيخ دار الحديث بالتوجه إلى نائب السلطان في دمشق، وتحدثا معه حول المسألة. وبعد أن استدعى النائب عساف النصراني، قاما ابن تيمية وشيخ دار الحديث بمغادرته مع جماعة من الناس. وعندما رأى الناس عسافًا ورجلًا بدويًا، قاموا بسبه وشتمه، ولكن الرجل البدوي قال إن عساف أفضل منهم، فرجمهم الناس بالحجارة وأصابوا عسافًا. وبعد ذلك، أرسل نائب دمشق بطلب الامام ابن تيمية وشيخ دار الحديث، وضربهما بين يديه بتهمة التحريض على العامة.

ومع ذلك، أثبت عساف براءته واعتذر النائب لابن تيمية وشيخ دار الحديث. وبعد ذلك، كتب الامام ابن تيمية “الصارم المسلول على شاتم الرسول”، فيما بدأت مسألة الفتوى الحموية في سنة 698 هـ، حيث استفتى أهل مدينة حماة الامام ابن تيمية حول الصفات التي وصف الله بها نفسه في القرآن، وأجابهم بالرسالة الحموية التي خالفت منهج الأشاعرة والمتكلمين. وعندما قامت جماعة من الفقهاء بالاعتراض عليه، نودي في البلد في العقيدة التي سأله عنها أهل حماة، وانتصر له الأمير سيف الدين جاغان، واختفى كثيرون من الذين قاموا عليه، وتمت مناقشة المسألة في “الحموية” وأجاب عنها ابن تيمية بعد كلام كثير، واعتبر القاضي إمام الدين القزويني معتقده حسن ومقصده صالح.

في عام 699 هـ، وصل الأتراك إلى الشام وهزموا الناصر بن قلاوون، ثم توجهوا إلى دمشق. في هذا السياق، قام ابن تيمية بالتحدث مع أعيان دمشق للسعي للحصول على الأمان من غازان سلطان التتار. وعقد اجتماع بينهم في بلدة النبك في 3 ربيع الآخر 699 هـ، وتحدث الامام ابن تيمية لغازان حول مطلبهم ومنحهم وثيقة أمان. وعلى الرغم من ذلك، استمر التتار في نهب دمشق، وعينوا “سيف الدين قبجق” حاكمًا على الشام. وعندما حاول هذا الحاكم إجبار نائب قلعة دمشق على تسليم المدينة، نصحه ابن تيمية بعدم تسليمها.

وفيما بعد، خرج الامام ابن تيمية للقاء قائد التتار لإطلاق سراح المسلمين المحتجزين. وعندما وصل خبر بخروج الجيوش المصرية والسلطان محمد بن قلاوون لإنقاذ الشام، قام ابن تيمية بالخروج مع أصحابه لتدمير الخمور وإراقتها. وفي يوم 20 شوال سنة 699 هـ، خرج جمال الدين آقوش الأفرم نائب دمشق بجيشه إلى جبال الجرد وكسروان، وخرج معه ابن تيمية وجماعة من المتطوعين والحوارنة لمواجهة أهل تلك المنطقة والتصدي لهم. وعندما وصلوا إلى بلادهم، استتابهم وأعادوا ما أخذوه من أموال الجيش، ودفعوا عليهم أموالًا كثيرة يحملونها إلى بيت المال.

في بداية شهر صفر من العام 700 هـ، وصلت أخبار عن توجه التتار نحو بلاد الشام ونيتهم الهجوم على مصر، مما أثار الخوف بين الناس ودفعهم للهرب وارتفاع الأسعار. وفي هذا الوقت، جلس ابن تيمية في مجلسه في الجامع وحث الناس على القتال ونصحهم بعدم الفرار، وتابع المجالس في ذلك، وجرى إصدار أمر بعدم السفر دون تصريح رسمي، مما أدى إلى توقف الناس عن السفر وتهدئة الأوضاع.

وفي شهر جمادى الأولى، تقوي الأراجيف بأمر التتار وجاء الخبر بقرب وصولهم، وخرج ابن تيمية إلى نائب الشام وجنوده وشجعهم ووعدهم بالنصر على التتار. ثم ذهب إلى مصر لاستحثاء السلطان على المجيء، وأثنى عليه وحثه على الجهاد، وعاد إلى دمشق ليبشر الناس باستعداد السلطان للمشاركة في الجهاد.

وفيما بعد، توالت الأخبار بتحركات التتار واقترابهم، ونادى أحد المسؤولين في البلد بالهرب، مما دفع الناس للجهاد والمقاومة، وفي ذلك الوقت قابل الامام ابن تيمية “أبا حيان النحوي” ودار بينهما حوار حول سيبويه، وانتقد ابن تيمية أخطاء نسبت إليه في كتابه، مما أدى إلى غضب أبا حيان ومقاطعته، وعلى الرغم من ذلك،

استمر الامام ابن تيمية في دعوته للجهاد والمقاومة ضد التتار، وخرج الجنود للتصدي لهم. وبعد عودة السلطان إلى مصر، وتوقع وصول التتار، دعا أحد المسؤولين الناس للهرب، مما أدى إلى فرار الكثير من الناس وترك دمشق بمفردها، وخرج الناس الباقون للجهاد والمقاومة. وعاد ابن تيمية من مصر بعد ثمانية أيام وبشر الناس بمشاركة السلطان في الجهاد، وفيما بعد جاءت الأخبار بعودة ملك التتار في ذلك العام. يذكر أيضاً أن الامام ابن تيمية قابل “أبا حيان النحوي” خلال رحلته إلى مصر ودار بينهما حوار حول سيبويه، وانتقد ابن تيمية بعض الأخطاء التي وردت في كتابه، مما أدى إلى غضب أبا حيان ومقاطعته.

تم نقل الأخبار إلى الشام في عام 702 هـ، بعدما أعرب التتار عن نيتهم بغزو المنطقة ووصولهم إلى دمشق، وفي يوم 18 شعبان وصلت طائفة كبيرة من جيش المصريين ثم جاءت طائفة أخرى بعدهم، وتجمع القضاة وحلفوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال.

قام ابن تيمية بالتوجه إلى العسكر الواصل من حماة، والتحدث معهم في القطيفة حول تحالف الأمراء والناس للقاء العدو، وحلفوا معه. وخرج ابن تيمية ليشهد القتال، وحث السلطان على القتال، وتمت المعركة بنصر المسلمين في يوم 4 رمضان.

بعد ذلك، عكف الامام ابن تيمية على إلقاء الدروس والمواعظ، وقام بعدة أعمال، بما في ذلك قطع دلق رجل يدعى “المجاهد إبراهيم القطان” وحلق شعره وقلم أظفاره وحف شاربه، واستتابه من كلام الفحش وأكل المحرمات من الحشيشة، كما استتاب شخصًا آخر يدعى “محمد الخباز البلاسي” وكتب عليه ألا يتكلم في تعبير المنامات، وذهب مع أصحابه لتقطيع صخرة كانت تزار وتنذر لها النذور بنهر قلوط في ضواحي دمشق.

في شهر ذي الحجة من العام 704 هـ، قاد ابن تيمية حملة عسكرية مع جماعة من أصحابه إلى جبل الجرد والكسروانيين، وذلك لأن سكان المنطقة كانوا يتعاونون مع الصليبيين والتتار ضد المسلمين. وبعد التوبيخ والدعوة إلى الإسلام، عاد الامام ابن تيمية منتصراً.

وفي شهر محرم من العام 705 هـ، توجه ابن تيمية مع قوات جيش إلى بلاد الجرد والرفض والتيامنة، وقطع أشجارهم ونخيلهم بجواز شرعي، بعد أن أفتى بذلك، لأنهم كانوا يستخدمونها كمين وقواعد للحرب، ونجح في الانتصار على نائب السلطنة الذي خرج بعد انطلاق حملته العسكرية. وكتب الامام ابن تيمية بعد ذلك رسالة إلى السلطان الناصر تنبهه فيها إلى خطورة تعاون السكان المذكورين مع الأعداء ضد المسلمين، ودعاه إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التهديدات.

في يوم 9 جمادى الأولى من سنة 705 هـ، حضر جماعة كثيرة من الأحمدية إلى نائب السلطنة في حضور الأمراء وحضر ابن تيمية. طلبوا من نائب السلطنة أن يوقف ابن تيمية عن إنكاره عليهم وأن يسلِّموا حالهم له، فرد الامام ابن تيمية بأنه لا يمكن لأحد أن يخرج عن كتاب الله وسنة رسوله قولاً وفعلاً، وأن من يخرج عنهما يجب أن ينكر عليه على كل أحد.

وعندما حاولوا القيام بأعمالهم الشيطانية، أوضح ابن تيمية أن هذه الأعمال باطلة وشيطانية، وأنها تتعارض مع الشريعة. وبعد أن أثبت ابن تيمية صحة عقيدته، عُقدت ثلاثة مجالس للبحث في عقيدته، وتم قبولها في المجلس الثالث.

وكان الباعث على إقامة هذه المجالس هو أمر السلطان ركن الدين بيبرس بإشارة من شيخه “نصر المنجبي” و”ابن مخلوف المالكي” في مصر. في يوم 5 رمضان سنة 705 هـ، طلب السلطان بيبرس من ابن تيمية الحضور إلى مصر، وبعد أن دخل مصر وأُقيم له مجلس، تم اتهامه بالزندقة وحُبسه في برج، ثم نُقل إلى الحبس المعروف باسم “الجُبّ” في ليلة عيد الفطر.

في ليلة عيد الفطر سنة 706 هـ، حضر الأمير “سيف الدين سلار” نائب مصر وجماعة من القضاة والفقهاء لمناقشة إطلاق ابن تيمية من الحبس، ولكنه رفض الحضور بسبب شروط الحاضرين، واستمر الأمر حتى انتهى المجلس دون نتيجة.

في يوم 14 صفر سنة 707 هـ، التقى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة بابن تيمية وطال بينهما الحديث، ورفض الامام ابن تيمية الخروج من الحبس. في يوم 23 ربيع الأول من سنة 707 هـ، حضر الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى إلى ابن تيمية في الحبس وأقسم عليه بالخروج، وخرج ابن تيمية من السجن بعد نحو ثمانية عشر شهراً واستقر في مصر.

وبعد ذلك، تنقل الامام ابن تيمية بين المساجد والمجالس العامة لنشر العلم. في شهر شوال سنة 707 هـ، اشتكى الصوفية بالقاهرة إلى السلطان عن ابن تيمية بسبب تعليقاته على الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وعُقد له مجلس في دار العدل في 10 شوال سنة 707 هـ، لكنه أثبت صحة عقيدته.

وبعد ذلك، خيروا ابن تيمية بين السفر إلى دمشق أو الاقامة في الإسكندرية بشروط أو الحبس، واختار الحبس، ولكن تلاميذه ألحوا عليه بالسفر إلى دمشق ووافق على ذلك، لكنه عاد إلى مصر بعد ذلك وتم حبسه مرة أخرى بعد أن عقد له مجلس بالصالحية.

في عام 708 ، انسحب السلطان الناصر محمد بن كارون من السلطنة وترك العرش لصالح بيار الكشنكير ، مشيدا بابن تيمية ، الذي كان قد شجعه سابقا على مقاومة التتار. كان” نصر المنبازي ” معاديا للشيخ الجاشنكير بن تيمية ، وبعد هذا التغيير بفترة وجيزة صدر مرسوم من نصر المنبازي يدعو إلى نفي الامام ابن تيمية إلى الإسكندرية وسجنه هناك.

 صدر مرسوم ملكي بسعي من نصر المنبجي لنفي ابن تيمية إلى الإسكندرية، وحبسه هناك. وصدرت تفاصيل أعمال ابن تيمية في الإسكندرية في كتاب كتبه أخوه المقيم معه شرف الدين إلى الشام. أمضى الامام ابن تيمية في الإسكندرية مدة ثمانية أشهر، وفيها أخذ يلقي الدروس ويعظ الناس. وتم إرسال استدعاء من السلطان الناصر محمد بن قلاوون في 2 شوال سنة 709 هـ لابن تيمية للعودة إلى مصر، وقدم الامام ابن تيمية إلى القاهرة في 8 شوال واستقبله السلطان، وأقام فيها حتى سنة 712 هـ، يفتي ويدرس فيها.

بعد عودة ابن تيمية من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، استقر فيها لمدة ثلاث سنوات، وكان مشغولاً بالعلم والفتوى والدراسة خلال هذه الفترة. في يوم 14 رجب سنة 711 هـ، تعرض للاعتداء من قبل جماعة بتحريض من خصومه، ولكنه رفض الانتقام وأكد أنه إذا كان الحق له فهو في حل منه، وإذا كان الحق لأحدهم فليفعلوا ما يشاؤون، وإذا كان الحق لله فالله سيأخذ حقه.

وفي نفس الشهر، تعرض للاعتداء من قبل أحد الفقهاء، ولكنه سامحه. كان له اتصال بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون، وكان يشير عليه في بعض الأمور. وسئل عن قتل بعض القضاة الذين آذوه وسبق أن خلعوه من السلطنة، ولكنه رفض ذلك، مؤكداً أن من آذاه فهو في حِلّ، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنه لا ينتصر لنفسه.

خالف في بعض المسائل الفقهية المشهورة، مثل “مسألة الحلف بالطلاق”، مما أدى إلى استنكار الفقهاء. تم حبسه في القلعة لمدة خمسة أشهر وثمانية عشر يوماً بسبب عودته للإفتاء بمسألة الطلاق، ولكنه استمر في الإفتاء بذلك بعد الإفراج عنه. عكف على التدريس والإفتاء والتأليف والوعظ خلال فترة من الزمن، وأُعتقل فيما بعد بسبب الانتقاد عليه في مسألة “شد الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين”.

وفي يوم الخميس [11 ذي القعدة 726 هـ]، دخل إليه القاضي جمال الدين بن جُملة وناصر الدين مشد الأوقاف، واستفسرا منه عن محتوى قوله في مسألة الزيارة. قام ابن كثير بتدوين ذلك في مذكرته، وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق، قائلاً: “قابلتُ الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية، ووجدته صحيحًا حتى قال: وإنما المُحرف جعله زيارة قبر النبي وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالإجماع مقطوعًا.”

يجب الآن التنبه إلى هذا التحريف الموجود في كلام شيخ الإسلام، فإجابته حول هذه المسألة لا تحظر زيارة قبور الأنبياء والصالحين، بل تذكر وجود وجهتين في السفر والزيارة إلى القبور، فزيارة القبور بدون سفر مسألة مستقلة، والسفر لزيارة القبور مسألة أخرى.

لم يمنع الشيخ الزيارة التي لا تتطلب سفرًا، بل يروج لها ويحث عليها، وكتاباته وأفعاله تشهد بذلك، ولم يتطرق إلى هذه الزيارة بهذا النحو في فتاويه، ولم يقل: إنها معصية، ولم يذكر الإجماع على تحريمها، وليس جاهلاً بقول الرسول: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة»، والله سبحانه لا يخفى عليه شيء ولا تخفى عليه خافية، وسيعلم الظالمون يوم القيامة مصيرهم.

وقد نقل ابن عبد الهادي في كتابه “العقود الدرية من مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية” عددًا من الرسائل التي أُرسلت من قبل مجموعة من العلماء في بغداد والشام إلى السُلطان الناصر محمد بن قلاوون، تصحيحًا لما أجاب به ابن تيمية وتبيينًا لتحريف الرسالة التي تسببت في سجنه.

وقد ورد في إحدى الرسائل المُرسلة من بغداد: “عندما انتشر خبر تعرض شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية، صاحب الله به، للضيق والمحاصرة من جانب أهل البلاد المشرقية والنواحي العراقية، شعر المسلمون بالأعتذر، لكن النص الذي قدمته لي ليس لي علاقة به ولا يظهر لي أي سياق أو سؤال محدد. يمكنك إعادة صياغة سؤالك أو توضيح الموضوع الذي ترغب في مناقشته، وسأكون سعيدًا بمساعدتك.

ومن بين ما كتبه في فترة احتجازه، كتب رسالة بعنوان “الأخنائية” كرد على أحد القضاة المالكيين في مصر، القاضي عبد الله بن الأخنائي. وقد شكا القاضي إلى السلطان، الذي أصدر مرسومًا بمصادرة جميع أدوات الكتابة والكتب التي كانت بحوزة ابن تيمية، لكي لا يستخدمها في الكتابة والتأليف. في 9 جمادى الأولى سنة 728 هـ، تمت مصادرة جميع أدوات الكتابة منه، ومنعه من المطالعة.

وفي مستهل شهر رجب 728 هـ، نقلت مسوداته وأوراقه من السجن إلى المكتبة العادلية الكبرى، وكانت تتألف من نحو ستين مجلدًا وأربع عشرة ربطة كراريس. ورغم مصادرة أدوات الكتابة منه، بدأ ابن تيمية يكتب بالفحم على أوراق متناثرة، وتم الاحتفاظ ببعض هذه الكتابات.

توفي ابن تيمية في 20 ذو القعدة أو 22 ذو القعدة سنة 728 هـ في القلعة في دمشق، وكان عمره 67 عامًا. استمر مرضه لمدة تقرب من ثلاثة أسابيع قبل وفاته. عندما وصلت الأنباء إلى أهالي دمشق، تجمع عدد كبير من الناس حول القلعة، وتم فتح أبوابها للجميع. أقيمت صلاة الجنازة على ابن تيمية في القلعة، وتم نقل الجنازة بعد الصلاة.

امتلأت الطرقات بين القلعة والمسجد بالناس، وأقيمت صلاة الجنازة في المسجد الأموي بعد صلاة الظهر، وأدى الشيخ علاء الدين الخراط صلاة الجنازة. ونُقلت الجنازة إلى مقبرة الصوفية ودُفن بجوار شقيقه شرف الدين عبد الله. قدر عدد الحضور لجنازة ابن تيمية بالآلاف من الناس، وكانت وفاته خسارة كبيرة في عالم العلم والفكر الإسلامي. ترك إرثًا ضخمًا من الكتب والمؤلفات التي تعد مصدرًا هامًا للدراسة والاستفادة في العديد من المجالات الإسلامية.

بعد وفاته، استمر تأثير ابن تيمية في العديد من الأجيال اللاحقة من العلماء والفقهاء، وأثرت أفكاره ومنهجه في العديد من التيارات الفكرية والحركات الإسلامية. ولا يزال ابن تيمية موضع دراسة واهتمام كبيرين في الوقت الحاضر، وتُناقش وجهات نظره وآراؤه في العديد من المنتديات العلمية والأكاديمية.

يعتبر الامام ابن تيمية من العلماء المثيرين للجدل، حيث يتناول البعض منهجه وآراؤه بانتقاد وجدل، في حين يحتفل البعض الآخر بإسهاماته ويرونه عالمًا كبيرًا وفقيهًا مؤثرًا في تاريخ الفكر الإسلامي.

لا يمكن إنكار أن ابن تيمية كان شخصية مؤثرة وملهمة في تاريخ الإسلام، ومن المهم دراسة أفكاره وآراءه بشكل شامل وموضوعي لفهم تأثيره ومساهمته في الفكر الإسلامي.

اهم كتب الامام ابن تيمية

الامام ابن تيمية له العديد من الكتب والمؤلفات في مختلف المجالات الدينية، ومن بين أهمها:

1. “الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح” (الجواب الصحيح): يتناول فيه الرد على الأسئلة المتعلقة بالمسيحية والتحديات الموجهة للإسلام.

2. “مجموع الفتاوى الكبرى”: يعتبر من أهم مؤلفات الامام ابن تيمية، حيث يتناول فيه موضوعات فقهية وعقدية وتصوفية وسياسية وغيرها، ويعد مرجعًا هامًا في الفقه الإسلامي.

3. “منهاج السنة النبوية في نقض الكلام المتأخر عن الأسماء والصفات”: يتناول فيه منهج السلف في فهم أسماء الله وصفاته، وينقد الأفكار المخالفة للسنة النبوية في هذا المجال.

4. “منهاج السنة النبوية في اعتقاد أهل السنة والجماعة”: يتناول فيه الإعتقادات العقدية لأهل السنة والجماعة ويناقش المسائل المختلفة في هذا الجانب.

5. “العقيدة الواسطية”: يشتهر بهذا الكتاب ويعتبر من أهم كتب العقيدة في التاريخ الإسلامي، حيث يتحدث عن العقيدة الوسطية ويبين مفاهيمها وثوابتها.

6. “منهاج السنة النبوية في النكاح والطلاق والعدة والزواج والرضاع”: يتناول فيه الأحكام المتعلقة بالزواج والطلاق والنكاح والرضاع وغيرها من المسائل الزوجية.

7. “التوبة”: يتحدث عن فضل التوبة وأحكامها وشروطها وكيفية تحقيقها.

8. “الإيمان”: يتناول فيه أركان الإيمان ومفاهيمه وأهميته في حياة المسلم.

9.”رفع الملام عن الائمة الاعلام“: كتاب عن نهري النيل والفرات للكاتب ابن تيمية إزالة المسؤولية عن أئمة الإعلام: كما أمر الله سبحانه وتعالى الصحابة الذين جاءوا من بعدهم في كتابه ، لأن الوصول إلى معرفة جميع المراسيم غير متاح لجميع الناس العلماء والمؤمنين

في ختام هذه المقالة، يمكننا أن نستشرف إرث الامام ابن تيمية ونستوقف أهمية مساهماته في العلوم الإسلامية. كان الامام ابن تيمية شخصية مؤثرة ومحورية في تاريخ الفكر الإسلامي، وقد ترك بصمته الواضحة في مجالات الفقه والعقيدة وعلوم الحديث وغيرها.

قدم ابن تيمية منهجًا فكريًا وعلميًا متميزًا، حيث دعا إلى العودة إلى النصوص الشرعية وفهمها بمنهجية عقلانية واستدلالية. كان يرفض التقليد الأعمى ويحث على التأمل والاستنباط، مما جعله يتناول العديد من المسائل الدينية والفقهية بطرق جديدة ومبتكرة.

تأثير ابن تيمية ما زال حاضرًا في العالم الإسلامي حتى يومنا هذا. فقد ألهم العديد من العلماء والباحثين لمواصلة دراسة وتطوير أفكاره ومنهجه. كما أثرت أفكاره في الحياة العملية للمسلمين، حيث دفعهم إلى التفكير بعمق والبحث عن الحق وتطبيق الإسلام في حياتهم اليومية.

ومع ذلك، فإن إرث ابن تيمية لا يخلو من الجدل والنقاش. فقد تعرض لانتقادات من بعض العلماء والمفكرين الذين اختلفوا معه في بعض القضايا الفقهية والعقدية. ومع ذلك، فإنه لا شك أن إسهاماته وفكره لا تزال محط إشادة واهتمام من قبل الكثيرين.

لذا، يمكننا أن نستنتج أن الامام ابن تيمية كان عالمًا وفقيهًا عبقريًا ومفكرًا متفتحًا. قدم منهجًا جديدًا في فهم الإسلام وتطبيقه، وساهم في تأصيل العلوم الشرعية وتطويرها. ومع أنه يثير الجدل والانقسام في الرأي، إلا أن إرثه العلمي والفكري لا يمكن إنكاره.

لذا، يجب علينا أن ندرس ونقيِّم فكر ابن تيمية بعقلانية وموضوعية، ونستفيد من إسهاماته القيمة في فهم الإسلام وتطبيقه في الحياة اليومية. فقد كان الإمام ابن تيمية رمزًا للعلم والتفكأعتذر عن انقطاع النص في الرد السابق. هنا الخاتمة الكاملة:

لذا، يجب علينا أن ندرس ونقيِّم فكر ابن تيمية بعقلانية وموضوعية، ونستفيد من إسهاماته القيمة في فهم الإسلام وتطبيقه في الحياة اليومية. فقد كان الإمام الامام ابن تيميةرمزًا للعلم والتفكير العميق، وقد أثرى المنهج الإسلامي بمنظوره الفذ وإسهاماته الهامة في مجالات الفقه والعقيدة وعلوم الحديث وغيرها.

ومن الجدير بالذكر أن فكر الامام ابن تيمية ما زال يستمد اهتمامًا كبيرًا من العلماء والباحثين في العصر الحديث. فقد يعتبر نقطة انطلاق للدراسات العلمية والبحوث التي تستكشف وتحلل وتقيم مؤلفاته ومنهجه العلمي. وهذا يعكس أهمية عظيمة لتفكيره ومساهماته في فهم الإسلام وتطبيقه في العصر الحديث.

باختصار، يمكن القول إن الإمام ابن تيمية كان عالمًا عظيمًا وفقيهًا مبدعًا، ومفكرًا عميقًا في تاريخ الإسلام. إرثه العلمي والفكري لا يزال يترك أثرًا كبيرًا على الفكر الإسلامي والتفكير العقدي والقضايا الشرعية. لذا، يجب علينا أن ننظر إلى إسهاماته بروح من العدل والتقدير، وأن نستفيد منها في بناء فهمنا للإسلام وتطبيقه في حياتنا المعاصرة.

باختصار، يمكن القول إن الإمام الامام ابن تيمية كان عالمًا عظيمًا وفقيهًا مبدعًا، ومفكرًا عميقًا في تاريخ الإسلام. إرثه العلمي والفكري لا يزال يترك أثرًا كبيرًا على الفكر الإسلامي والتفكير العقدي والقضايا الشرعية. لذا، يجب علينا أن ننظر إلى إسهاماته بروح من العدل والتقدير، وأن نستفيد منها في بناء فهمنا للإسلام وتطبيقه في حياتنا المعاصرة.

Shopping Cart
Scroll to Top