الامام-محمد-عبد-الوهاب-نشأته-و-اعماله

تُعتبر أهم إنجازات الامام محمد عبد الوهاب هي تأسيس الدعوة الوهابية، وهي حركة إصلاحية دينية أسهمت في استعادة الإسلام الأصيل وإزالة التشوهات والابتداعات التي توارثتها الأمة عبر الزمن. تكمن أهمية هذه الدعوة في تركيزها على توحيد الله وتوجيه العبادة إليه وحده، والتخلص من الشرك والبدع والتعصب الطائفي. كما حث الامام محمد عبد الوهاب على اتباع الكتاب والسنة بمنهج فهمهما وتطبيقهما بمرونة ووفقًا للظروف المعاصرة.

وقد ساهم الامام محمد عبد الوهاب في توحيد الجزيرة العربية تحت راية واحدة، حيث تعاون مع الأمير محمد بن سعود في تأسيس دولة السعودية الأولى. شكلت هذه التحالفات القوية بين الإمام والأمير الأساس لتوحيد المملكة وتحرير المناطق الواقعة تحت الحكم العثماني.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم الإمام محمد عبد الوهاب في تنشيط الجهود الدعوية والتعليمية في المملكة العربية السعودية. أسس المدارس والمعاهد الدينية ودعم نشر المعرفة الإسلامية الصحيحة والتعليم الشرعي في المناطق التي تحت سيطرة الدولة السعودية. كما حث على تعزيز القيم الأخلاقية والأخلاق الإسلامية في المجتمع.

تُعد إسهامات الإمام محمد عبد الوهاب في الإصلاح الديني والتوحيد والتعليم وتأسيس الدولة السعودية أمورًا لا يمكن تجاهلها عند دراسة التاريخ الإسلامي والعربي. تركت رؤيته الإصلاحية أثرًا عميقًا على المملكة العربية السعودية والمجتمعات الإسلامية بشكل عام، واستمر تأثيره على مر العصور حتى يومازالت تُلاحظ تأثيره في العالم الإسلامي حتى يومنا هذا. يُعد الإمام محمد عبد الوهاب رمزًا للتوحيد والإصلاح، وهو يُحترم ويُعظم من قبل الملايين من المسلمين في العالم.

على الرغم من أن هناك آراء متباينة بشأن إرث الامام محمد عبد الوهاب، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه كان شخصية مؤثرة وقوة دينية قادرة على تغيير مجرى التاريخ. ترك إرثًا كبيرًا من العلم والتعليم والتوحيد، وساهم في بناء دعائم الدولة السعودية الحديثة.

من الضروري فهم إنجازات ومساهمات الامام محمد عبد الوهاب بتوجيه النظرة بعيدًا عن التشدد أو التطرف، وتقدير دوره في توحيد الأمة الإسلامية وإحداث التغيير الإيجابي في المجتمعات الإسلامية.

تعريف عن الامام محمد عبد الوهاب

الامام محمد عبد الوهاب بن سليمان التميمي (1115 – 1206 هـ) (1703م – 1791م) كان عالم دين سني حنبلي، ويُعتبر من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية، حيث بدأ في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات ونبذ الشرك التي انتشرت في فترة الدولة العثمانية.

ولُد في العيينة وسط نجد في عام 1115 هـ الموافق لعام 1703، وكان ينتمي إلى أسرة علماء الدين. جدُّه سليمان بن علي بن مشرف كان من أبرز العلماء في الجزيرة العربية في ذلك الوقت، ووالده أيضًا كان عالمًا فقيهًا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وكان أحد القضاة المعروفين. تولَّى القضاء في عدة مدن مثل العيينة وحريملاء، وكان عمُّه الشيخ إبراهيم بن سليمان من العلماء المشهورين في تلك المنطقة.

تعلَّم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب عندما كان عمره عشر سنوات، وقرأ على والده في مجال الفقه. كان مشهورًا في ذلك الوقت بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للقراءة في كتب التفسير والحديث وآراء العلماء في أصول الإسلام، حتى أن والده كان يعجب من فهمه ويقول: “لقد استفدت من ولدي محمد فوائد كثيرة في الأحكام”.

سافر إلى مكة والمدينة لمواصلة تعلُّم المزيد من العلم، والتقى خلال رحلته بالعديد من العلماء. درس على يد الشيخ عبد الله بن سيف والشيخ محمد حياة السندي، والشيخ علي أفندي الداغستاني الدمشقي، واستفاد منهم في مختلف المجالات. ثم توجَّه إلى الأحساء حيث درس على يد شيوخها مثل الشيخ عبد اللطيف العفالقي الأحسائي. زار أيضًا البصرة ودرس على يد الشيخ محمد المجموعي البصري. قام برفض بعض الآراء التي لا تتفق مع الإسلام وبدأ في دعوة الناس للعودة إلى ما كان عليه النبي وأصحابه.

توفي في العيينة بعد مرض طال به في شهر شوال، وتوفي في يوم الاثنين من آخر شهر في عام 1206 هـ.

نشأه الامام محمد عبد الوهاب

الامام محمد عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبه بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظله بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمي.

ينتمي إلى قبيلة بني تميم، وينتسب إلى عائلة المشرفي من فخذ آل زاخر التابعة لقبيلة الوهبة من بني حنظلة. يُعرَف أيضًا بلقب المشرفي نسبةً إلى جده مشرف، وبلقب الوهيبي نسبةً إلى جده وهيب. والدته هي بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي.

بعد مغادرته بلدة حريملاء، انتقل الامام محمد عبد الوهاب إلى بلدة العيينة، حيث استقبله أمير العيينة عثمان بن حمد بن معمر وتزوجه من عمته الجوهرة بنت عبد الله بن معمر.

الامام محمد عبد الوهاب لديه سبعة أبناء، وأسماء أبنائه على النحو التالي:

ينحدر محمد بن عبد الوهّاب من عائلة علمية مشهورة. والده عبد الوهّاب بن سليمان كان فقيهًا وقاضيًا في العارض، وجده سليمان بن علي كان عالمًا وقاضيًا وموثقًا شرعيًا، وكذلك عمه الشيخ إبراهيم الذي تخرج مع والده وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق، وقد تولى القضاء في بلدة أشيقر.

حفظ محمد بن عبد الوهّاب القرآن الكريم ولم يتجاوز سنّه العاشرة عندما بدأ يسعى للعلم. قرأ على والده وعمه وتخرج معهما في الفقه وغيره من العلوم. كان سريع الحفظ والكتابة، وقوي الإدراك، وكثير المطالعة، وشغوفًا بالعلم، وخاصةً في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام. بعد ذلك، سافر إلى عدة أماكن لطلب العلم والحديث وتعمق في دراسة الدين. حاول السفر إلى الشام، لكنه تعرض للسرقة من بعض اللصوص وتم سلبه، ولم يتمكن من استكمال الرحلة إلى هناك. لم يثبت بشكل قاطع أن محمد بن عبد الوهّاب قد تجاوز الحجاز وتهامة والعراق والأحساء في طلب العلم.

الامام محمد عبد الوهاب ينتمي إلى أسرة علمية مرموقة. والده عبد الوهّاب بن سليمان كان من الفقهاء والقضاة في العارض، وجده سليمان بن علي كان عالمًا وقاضيًا وموثقًا شرعيًا، وعمه الشيخ إبراهيم كان أيضًا من العلماء والقضاة وكان يتردد على ما حول العيينة للإفتاء والتوثيق، وتولى القضاء في بلدة أشيقر.

محمد بن عبد الوهّاب حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، حيث لم يتجاوز عمره العاشر عندما بدأ في طلب العلم. درس على والده وعمه وتخرج معهما في الفقه وغيره من المواضيع الدينية، وكان سريع الحفظ والكتابة، وقوي الإدراك، وكثير القراءة والاطلاع، ومولعًا بالعلم، خاصة في كتب التفسير والحديث وكتب علماء الإسلام الأصولية.

بعد ذلك، سافر الامام محمد عبد الوهاب إلى عدة أماكن لطلب العلم والتعلم، وخاض دراسة الحديث وتعمق في فهم الدين. حاول السفر إلى الشام، ولكن تعرض للسرقة من قبل بعض اللصوص وتم سلبه، ولم يتمكن من استكمال رحلته إلى تلك المنطقة. لم يتم التأكد بشكل قطعي من أن محمد بن عبد الوهّاب قد تجاوز الحجاز وتهامة والعراق والأحساء في طلب العلم.

تعلم الامام محمد عبد الوهاب على المذهب الحنبلي، وحصل على العلم من والده بإسناد متصل يرجع إلى الإمام أحمد بن حنبل. كما درس علم الحديث النبوي ورواياته من جميع كتب السنة، مثل الصحاح والسنن والمسانيد وكتب اللغة والتوحيد وغيرها من العلوم، وذلك عن طريق شيخيه العلامة عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي الفرضي الحنبلي والمحدث محمد حياة السندي، ويعتبر سلسلة الأسانيد الخاصة بهما مشهورة ومعروفة.

تأثر محمد بن عبد الوهّاب أيضًا بعدد من العلماء السلفيين، ولعبوا دورًا في تشكيل فكره وتأسيسه.

تم تسجيل كلام عن سفر الامام محمد عبد الوهاب إلى الشام وفارس وإيران وقم وأصفهان في بعض المصادر مثل كتاب “الأعلام” لخير الدين الزركلي وكتابات بعض المستشرقين، لكن هذه المعلومات غير صحيحة وقد تم نقضها بواسطة حفيده عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ وابنه عبد اللطيف وابن بشر.

وقد نصوا على أن محمد بن عبد الوهّاب لم يتمكن من السفر إلى الشام. وفيما يتعلق بالسفر إلى فارس وغيرها من البلاد، فإن معظم المعلومات تستند إلى كتاب لمع الشهاب الذي يُعتقد أنه من تأليف مجهول. وقد أكد حمد الجاسر ذلك.

عمومًا، كان مترجمو الامام محمد عبد الوهاب حريصين على توثيق جميع تفاصيل رحلاته وأسماء العلماء الذين استفاد من علومهم. وتتفق معظمهم على عدم صحة ما يتم ذكره في كتاب لمع الشهاب. فعلى سبيل المثال، تطرقت بعض المصادر إلى أنه درس اللغتين الفارسية والتركية، وأيضًا الحكمة الإشراقية والفلسفة والتصوف، وأنه ارتدى جبة خضراء في أصفهان.

ولكن هذه المعلومات ليست مؤكدة ويُعتبر من المستبعدات، حيث لا يوجد في مؤلفاته وآثاره أي دليل يشير إلى ذلك. والأشخاص الذين ذكروا هذه المعلومات عنه على الأرجح كانوا مخدوعين بكتاب مثل لمع الشهاب.

بعد مرور بعض السنوات على رحلته، عاد الامام محمد عبد الوهاب إلى بلدة حريملاء، حيث انتقل والده إليها بعد تولي أمير جديد يُدعى عثمان بن حمد بن معمر، الذي لم يكن مرتاحًا لبقاء عبد الوهّاب في القضاء، لذا قام بإبعاده عنه ولذلك غادر عبد الوهّاب بلدة العيينة إلى حريملاء واستقر فيها وتولى قضاءها. وهناك قام محمد بالدراسة برفقة والده.

كان الامام محمد عبد الوهاب يُعَدُّ من شيوخه العلماء البارزين. لقد انتشر تعليمه وتأثَّر به الكثيرون في الدرعية والمناطق المحيطة بها. في تلك الفترة، كانت الدرعية من أبرز مراكز العلم والمعرفة في الأراضي الإسلامية، وتلقَّى أبناؤه عنه تعليمه وتوجيهاته.

وقد قال ابن بشر: “تلقَّى عنه الكثير من القضاة الذين لا يحضرني الآن، وأخذ عنه أيضًا من رؤساء وشخصيات عامة وغيرهم بأعدادٍ كبيرة”.

كان الامام محمد عبد الوهاب يدعو الناس إلى عقيدة التوحيد، ولذلك سُمِّيَت تلك الدعوة بالدعوة السلفية، نسبةً إلى السلف الصالح الذين كانوا يمارسون هذه العقيدة. كانت الرسالة الأساسية لهذه الدعوة هي استعادة التوحيد الحقيقي وترك آثار الشرك والابتداعات التي انتشرت في تلك الحقبة.

وكان ذلك يشمل مناشدة القبور والاستغاثة بها، والتبرك بالأشخاص والأشجار والأحجار، وبناء المباني فوق القبور، والتعامل مع السحر وغيرها من أشكال الشرك والبدع. كل هذه التصرفات تعارض عقيدة التوحيد في الإسلام، التي ختمها النبي محمد وأتباعه من الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين ومن بعدهم.

وقد ادَّعَى أعداء الامام محمد عبد الوهاب ومنتقدوه أنه أسس فرقة أو فكرة متشددة في تفسير الإسلام، مما أدى إلى عدم التسامح مع المخالفين سواء في الدين أو المذهب، وتضخيم المسائل الفرعية المختلفة في درجة الإعلان عنهم كفاسقين أو كافرين. وقد أعرب عن معتقده من خلال كتابة العديد من الكتب والرسائل التي توضح دعوته وتبيِّن معتقده. وبالطبع، يعد كلامه نفسه هو المصدر الأساسي الذي ينبغي الاعتماد عليه لفهم مواقفه ومعتقده. من بين تلك الكتب، تأتي رسالته إلى أهل القصيم كإجابة لهم عن معتقده وما يؤمن به.

في قوله: “أني أعتقد ما اعتَقَدَته الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، من الإِيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإِيمان بالقدر خيره وشره”، أكد قائلاً: “أشهد الله ومن حضرني من الملائكة، وأُشهِدُكُم”، إيمانه بمفاهيم الفرقة الناجية والمعروفة أيضًا بأهل السنة والجماعة.

ومن هذه المفاهيم الإِيمان بوجود الله، وبوجود الملائكة، وبوجود كتب الله، وبوجود رسل الله، وبوجود البعث بعد الموت، وبإيمانه بالقدر وأن الله هو العالم بكل خير وشر يمكن أن يحدث.

وأعرب عن إِيمانه بأن الله ليس كأي شيء آخر، وهو السميع البصير، وبذلك ينفي عنه أي وصف يتعارض مع ذلك. ويعتقد بأن القرآن هو كلام الله الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه ليس مخلوقاً بل هو منزل من الله ومبدأه وإِليه يعود. ويؤمن بأن الله يعمل بحسب مشيئته وإِرادته، وأنه لا يحدث شيء إلا بمشيئته وتدبيره. وأن كل شيء في العالم يحدث وفقًا لتقديره وتدبيره، ولا يوجد شيء يتجاوز ما قدره الله وما كتبه له في اللوح المحفوظ.

ويؤمن بجميع ما أخبر به النبي محمد صلى الله عليه وسلم بخصوص ما سيحدث بعد الموت، مثل فتنة القبر ونِعيمه، وإِعادة الأرواح إِلى الأجساد في يوم القيامة، حيث يقوم الناس حفاة عراة غرلاً.

وتقترب الشمس منهم وتقام الموازين لوزن أعمال العباد. ويؤمن بحوض نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الآخرة، ووصفه بأن ماء حوضه أبيض من اللبن وأحلى من العسل، وأن آنيته تعددت كنجوم السماء، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا. ويؤمن بأن الصراط يمتد على حافة جهنم، وسيمر به الناس وفقًا لأعمالهم.

أؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقد أنه أول من يشفع ويُشفَّع، وأنه لا يُنكر شفاعته إلا أهل البدع والضلال.

ومع ذلك، يجب أن تكون الشفاعة بعد إذن الله وموافقته، كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: “وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى” \[النجم: 26\]. والله لا يرضى إلا بالتوحيد والإيمان الصحيح، ولا يُؤذن بالشفاعة إلا لأهلها. أما المشركون فليس لهم نصيب من الشفاعة، كما قال الله تعالى: “فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ” \[المدثر: 48\].

أنا أؤمن بأن الجنة والنار مخلوقتان وأنهما موجودتان في الوقت الحاضر، وأنهما لا تزولان. وأعتقد أن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم، كما يرون القمر في ليلة البدر، دون أن يحجبوا عن رؤيته. وأعتقد أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم النبيين والمرسلين، وأنه لا يمكن لأحد أن يكون مؤمنًا حقيقيًا حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته.

وأعتبر أبو بكر الصديق هو أفضل أمة محمد، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة الذين بايعوا بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة.

وأنا أولوكم ومحب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر فضائلهم، وأرضى عنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساويهم، وأسكت عن الخلافات التي حدثت بينهم، وأعتقد بفضلهم، وذلك بناءً على قول الله تعالى: “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِأعتذر، ولكن يبدو أن الرسالة السابقة تم قطعها. يُرجى إعادة صياغة السؤال أو طرح استفسار جديد حتى أتمكن من مساعدتك.

“أشهد وأرى ترك أهل البدع واضحًا واختلافهم، حتى يتوبوا ويرجعوا إلى الحق، وأدينهم بما يظهرونه وأعلمهم بما يخفونه إلى الله، وأعتقد أن كل مبتدعة في الدين هي بدعة. وأعتقد أن الإيمان يتمثل في القول باللسان، والعمل بالأركان، والإيمان بالجنان، ويزداد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهو مشتمل على سبع وسبعين فرعًا، أعلاها شهادة لا إله إلا الله، وأدناها إزالة الأذى عن الطريق.

وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقًا لما يفرضه الشرع المحمدي النقي. هذه هي عقيدتي المختصرة التي كتبتها وأنا مهموم بأموري، وأشهد الله على صحة ما نقول”.

ومن المعروف من السابق أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يبتدع شيئًا جديدًا في أصول الاعتقاد، بل تبع الأئمة الأربعة واستقى عقيدته ومنهجه منهم. كان يجدد الدعوة إلى عقيدة هؤلاء الأئمة العظام التي آمنوا بها ونشروها.

يقول الشيخ: “عقيدتي وديني الذي أدين به هو مذهب أهل السنة والجماعة، الذي اتبعه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة”. يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: “من المعروف عن الشيخ بأنه تعرف واشتهر وانتشرت مصنفاته ورسائله المسموعة والمقروءة، وما توثق بخطه، وكان معروفًا ومشهورًا في دعوته وأعماله، وكان له فضلاء وأتباع نبلاء من أصحابه وتلاميذه. وكان على ما عاش عليه السلف الصالح وأئمة الدين أهل الفقه والفتوى”.

اعمال الامام محمد عبد الوهاب

قد دعا الامام محمد عبد الوهاب المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله عز وجل، واستند في ذلك إلى القرآن الكريم وسنة النبي وتراث العلماء الصالحين من الأجيال السابقة. بدأ الشيخ دعوته في بلدة حريملاء ولقد قبلت دعوته فيها شرائح كبيرة من الناس.

وقد حضره آخرون من مناطق أخرى للاستفادة منه وحضور دروسه ومجالسه، مما أدى إلى زيادة عدد المحبين والمتابعين له، وانضم إلى دعوته جمع كبير، وهذا أثار حفيظة بعض المفسدين الذين حاولوا قتله، وبالتالي اضطر الشيخ إلى الانتقال إلى العيينة.

ولكن السبب الرئيسي لإخراجه من العيينة كان خوف ابن معمر، أمير العيينة، من أن يتوقف الدعم المادي عنه من حاكم الأحساء، وبالتالي قرر أن يطرد محمد بن عبد الوهّاب من العيينة. ثم انتقل الامام محمد عبد الوهاب إلى الدرعية، حيث التقى بأمير الدرعية، الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن، الذي استقبله واستمع إلى دعوته، وقبلها، وتعاهد الشيخان على نشر الدعوة والدفاع عنها والعمل على إصلاح الدين ومكافحة البدع، ونشر ذلك في جميع أنحاء جزيرة العرب.

عند وصوله إلى الدرعية، زار الشيخ بيت ابن سويلم العريني، وعندما دخل عليه، شعر بضيق في مكان إقامته وخشية من محمد بن سعود بن محمد آل مقرن، فوعظه الشيخ وطمأنه قائلاً: “سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً”.

وهناك بدأت التواصل بين أهل العلم في الدرعية، وعندما علموا بدعوة الشيخ، أرادوا أن يشجعوا ابن سعود على دعمه، فذهبوا إلى زوجته الأميرة موضي بنت سلطان أبو وهطان الكثيري وأخيه ثنيان، وأخبروها بمكان الشيخ ووصف ما يدعو إليه وما ينهى عنه، فقررتا دعمه ونصرته.

وعندما دخل محمد بن سعود بن محمد آل مقرن على زوجته، أخبرته بمكان الشيالخ وأقنعته بدعمه ونصرته. وبعد ذلك، تشكل تحالف قوي بين الشيخ محمد بن عبد الوهّاب ومحمد بن سعود بن محمد آل مقرن، وأصبحوا يعملون معًا على نشر الدعوة وتوحيد البلاد تحت راية الإسلام الصحيح.

وتطورت الدعوة بمرور الوقت، وتمكن الشيخ وحلفاؤه من توحيد جزيرة العرب تحت سلطة سياسية ودينية واحدة. وقد انتشرت الدعوة إلى المناطق الأخرى في الجزيرة العربية، وتم تأسيس الدولة السعودية الأولى بقيادة آل سعود. واستمرت الدعوة في النمو والتوسع، وأصبحت السعودية مركزًا للإسلام السني ووجهة للمسلمين من جميع أنحاء العالم.

تأثرت الدعوة الوهابية بالعديد من التحولات والتطورات على مر العصور، وشهدت تجاوبًا وتأثيرًا مختلفًا في العالم الإسلامي. ومنذ تأسيس المملكة العربية السعودية في عام 1932، أصبحت الدعوة الوهابية جزءًا من الهوية الوطنية للمملكة، وتم تبنيها رسميًا كأساس للدولة والنظام السياسي.

عندما تحقق الأمير محمد بن سعود صحة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ورأى فيها مصالح دينية ودنيوية، وضع الأمير محمد بن سعود بن محمد آل مقرن شرطين على الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

أجاب الامام محمد عبد الوهاب قائلاً: “أما الشرط الأول، فيتعلق بقانون القصاص والتدمير العادل. أما الشرط الثاني، فعسى أن يفتح الله عليك أبواب النصر وتحصل على غنائم تعوضك عن الخراج.” وهكذا تمت المقابلة التاريخية، وتمت البيعة، وهذا ما يعرف بمبايعة الدرعية، وهو بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى.

لم يكن أتباع الامام محمد عبد الوهاب مهتمين بالأموال التي حصلوا عليها بطرق غير مشروعة عن طريق التلاعب بالقبور والمزارات أو استغلال النفوذ من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية. بل كانوا مهتمين بتصحيح عقائد العامة وإزالة البدع والعودة إلى القرآن والسنة. كما كانوا مهتمين بأخلاق الناس وتعزيزها وترسيخها والقضاء على السلوكيات السلبية.

في فترة حكم الدعوة بقيادة السلفيين من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب، انخفضت المشاكل في مجتمع الجزيرة، وانقرضت السرقات والنزاعات العنيفة. أصبحت الطرق أكثر أمانًا بعد أن كانت تسبب مشاكل للناس وتحركهم بسبب السرقات والاعتداءات قبل انتشار السلفيين ودعوتهم. وأصبحت منطقة الجزيرة تعتبر منطقة جهادية بالنسبة للسلفيين، مما لفت انتباه العالم الخارجي إلى هذه الدعوة الإسلامية.

باختتام هذه المقالة، يمكننا أن نتأمل في المساهمات الهامة التي قدمها الإمام محمد بن عبد الوهاب للعالم الإسلامي. فقد كان له دور بارز في إصلاح العقيدة والسلوك الإسلامي، وتحقيق التوحيد الصحيح والعودة إلى تعاليم القرآن والسنة النبوية الصحيحة.

كما أسهم الامام محمد عبد الوهاب في تنقية المجتمع الإسلامي من البدع والتشويش على العقيدة الصحيحة. دعا إلى التخلص من العادات والتقاليد التي تتعارض مع تعاليم الإسلام النقية، وحث على العودة إلى السنة النبوية والاقتداء بالأجيال الصالحة الأولى.

بفضل جهوده، تحسنت الأخلاق والسلوكيات في المجتمعات التي تبنت تعاليمه. حدثت تغيرات إيجابية في مجتمع الجزيرة، حيث انخفضت المشاكل والجرائم، وأصبحت الطرق أكثر أمانًا واستقرارًا. كما تم تعزيز قيم العدل والتواضع والتعاون بين الأفراد.

ومن خلال دعوته الإصلاحية، تمكن الامام محمد عبد الوهاب من لفت انتباه العالم الخارجي إلى هذه الدعوة الإسلامية النقية. أصبحت تلك الدعوة مرجعًا للأفراد الذين يسعون لفهم الإسلام بمنهجية صحيحة وتطبيقه في حياتهم.

إن إرث الامام محمد عبد الوهاب يستمر حتى يومنا هذا، حيث يعتبر نموذجًا للعلماء والدعاة الذين يسعون إلى تحقيق الإصلاح وإعادة إحياء التوحيد والعدل والأخلاق الإسلامية الأصيلة في المجتمعات الإسلامية. نسأل الله أن يجعل أعمالنا وجهودنا في خدمة الإسلام والمسلمين مقبولة ومباركة، تماشيًا مع سنالله وسنة رسوله الكريم.

Shopping Cart
Scroll to Top