كتاب جرائم نابليون محمد صلاح الدين مأمون

كتاب التاريخ لم يُغلق بعد، والبحث التاريخي الدقيق يكشف لنا يومًا بعد يوم أن ما يلمع أمام أعيننا ويجذب الأنظار ليس دائمًا ذهبًا. فالحكمة والمهارة النقدية تتطلب التدقيق للوصول إلى حقيقة التاريخ. يتناول هذا الكتاب شخصية نابليون بونابرت التي تُقدم في كتب التاريخ كرمز للفضائل، بينما الحقيقة تخفي جانبًا مظلمًا من جرائمه الكثيرة وسفكه لدماء الأبرياء، إضافة إلى قسوته التي تتبرأ منها القيم الإنسانية.

الكتاب يُظهر بعد جهد وبحث علمي مستفيض واستقراء للأحداث التاريخية حقيقة هذه الجرائم، ليعيد التوازن للتاريخ ويكشف الوجه الحقيقي لنابليون بعيدًا عن أي تمجيد لا يستند إلى الواقع. يقدم الكتاب استعراضًا لجوانب حياة نابليون من خلال منهج التحليل التاريخي، الذي يقرأ الأحداث بعمق ويفسر كيف أن نابليون سعى لتحقيق طموحاته الشخصية على حساب حياة البشر، ما جعل تاريخه سلسلة من الحروب المتواصلة في الشرق والغرب بدافع الطمع ورغبة في تحقيق مجد شخصي.

ما يميز هذا الكتاب أنه يستند إلى مادة موثقة، مما يتيح للقارئ فرصة غنية لاستكشاف أصول نابليون وتاريخ فرنسا القديم، الذي كان مسرحًا لأبرز أحداث عصره. يعرض الكتاب حياة نابليون ضمن أسرته، تطورات حياته، ومصير إخوته، كما يتناول الفكر السائد في تلك الحقبة الذي ساهم في تشكيل عقليته. يكتسب الكتاب قيمته العلمية من تناوله المفصل للثورة الفرنسية، تلك الثورة التي استغلها نابليون للوصول إلى منصب القنصل ثم الإمبراطور، عبر حروب وصراعات أزهقت أرواحًا كثيرة لتحقيق استقرار حكمه.

تتجاوز جرائم نابليون حدود أوروبا، حيث يخصص الكتاب فصلًا كاملًا للحملة الفرنسية على مصر والشرق، وما جلبه الاحتلال الفرنسي من ويلات على أمتنا بسبب طمع نابليون. يسلط الكتاب الضوء على فشل هذه الحملة وعودة نابليون إلى فرنسا، ثم استبداده بتحريك جيشها لتحقيق طموحاته حتى انتهى به الأمر مهزومًا ومنفيًا.

بالإضافة إلى ذلك، يتيح الكتاب للقارئ التعرف على نظرة نابليون تجاه العلوم والفنون والآداب والمرأة، مما يضيف أبعادًا مختلفة لفهم شخصيته. وأخيرًا، يهدف هذا الكتاب إلى تقديم حقائق تاريخية موضوعية تُبرز الوجهين الإيجابي والسلبي لنابليون بونابرت، ليترك للقارئ الحكم الصادق على مسيرته التاريخية.